الزواج- بين التقاليد والحب، أيهما يصمد في مجتمعاتنا؟

المؤلف: عقل العقل11.20.2025
الزواج- بين التقاليد والحب، أيهما يصمد في مجتمعاتنا؟

يشكل الزواج حجر الزاوية في بناء المجتمعات، إلا أن أهميته قد تتفاوت تبعاً للظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لكل مجتمع. نشهد اليوم تنوعاً لافتاً في أساليب الزواج وأشكاله، بعضها مقبول والآخر مرفوض رفضاً قاطعاً في بعض المجتمعات. فنجد ارتباطات عاطفية وزيجات غير معلنة أو مسجلة، بل إن بعض الأزواج يرزقون بأطفال قبل إشهار الزواج، وقد نشاهد حفلات زفاف متأخرة يشارك فيها الأبناء. هذه السلوكيات تعتبر في بعض الثقافات محرمة دينياً وغير مقبولة اجتماعياً. هذه الأنماط من الزواج يصعب تصنيفها ضمن إطار الزواج التقليدي أو زواج الحب، بل تبدو كأنها علاقة ومعرفة مسبقة تسبق الارتباط الرسمي.

في المجتمعات الشرقية والعربية على وجه الخصوص، يمثل الزواج التقليدي الركيزة الأساسية التي تتوافق مع القيم الدينية والمبادئ الاجتماعية. أما زواج الحب، ورغم ما يقال عنه من إيجابيات، غالباً ما ينتهي بالزواج التقليدي. فكل شخص منا مر بتجربة حب، سواءً رجلاً أو امرأة، حتى لو كان حباً من طرف واحد ومن بعيد، وربما الطرف الآخر لا يعلم بوجود هذه المشاعر. التعميم بشأن الأفضل والأكثر استمرارية، سواء كان الزواج تقليدياً أو عاطفياً، هو أمر مضلل، خاصة في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة. فالإحصاءات الرسمية تركز على حالات الطلاق دون التطرق إلى الأسباب المتعلقة بنوع الزواج، وقد تعزو أسباب الطلاق إلى عوامل أخرى لا تمت للحب أو المعرفة المسبقة بصلة.

زواج الحب يحظى بشعبية في المخيلة العامة، لكنه غالباً ما يكون مرفوضاً على أرض الواقع. يرى البعض أن الحب بين الزوجين قد يكون هشاً في مواجهة تحديات الحياة الزوجية، مثل تربية الأطفال والتغيرات التي تطرأ على كل طرف. فالعوامل الظاهرية والجمال متغيرة مع مرور الزمن، وقد تكون سلبية في بناء علاقة زوجية ناجحة. في المقابل، يبدو الزواج التقليدي أكثر صلابة وثباتاً في مسيرة العلاقة، ولكنه قد يستمر أحياناً كشكل اجتماعي للحفاظ على استقرار الأبناء والعلاقات بين العائلات والمصالح المشتركة.

يعتبر البعض أن أماكن العمل والإنتاج تمثل بيئة اجتماعية مناسبة للتعارف بين الموظفين والموظفات، وقد تكون المعرفة فيها أقرب إلى الزواج التقليدي، لكنها مقبولة اجتماعياً. بل إن بعض النساء يبادرن للبحث عن شريك الحياة في هذه الظروف. هذه العلاقات ليست تقليدية منغلقة ولا هي عاطفية بحتة، وقد تحقق نسب نجاح كبيرة في المستقبل. فأجيال الرقمنة الحالية تتمتع بنظرة مختلفة للحياة، بما في ذلك شكل الزواج. صحيح أن نسبة كبيرة من الشباب في مجتمعاتنا العربية ما زالت تعتمد على الأمهات أو الأخوات في البحث عن شريكة العمر، لكن الأنماط الاجتماعية في تغير مستمر، وزواج النصيب التقليدي قد ولى في معظم المجتمعات.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة